top of page

منهج لا إكراه في الدين وتطبيقاته في حياتنا اليومية



مقتضى إحترام وتكريم الله تعالى للإنسان الذى كرمه الله تعالى وميزه عن بقية المخلوقات وأسجد له الملائكة وسخرله كل ما في الكون
مقتضى إحترام وتكريم الله تعالى للإنسان الذى كرمه الله تعالى وميزه عن بقية المخلوقات وأسجد له الملائكة وسخرله كل ما في الكون

الدين في اللغة يعني: الطاعة والانقياد والخضوع لله تعالى ومنه قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَق"، أي حسابهم.

ــ (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَق) أى حسابهم

الدين إصطلاحا وشرعا : ما يتديّن به الرّجُل ويعتقده: فيُقال: دان بالإسلام ديِنًا وتديّن به؛ أي اتّخذه ديناً وتعبّد به، والدين يعني الملّة، و الانقياد والطاعة والاستسلام للشّريعة،لِقولهِ تعالى

ــ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام) ، وقوله تعالى (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين) .

وإكراه تعنى : الجبر وإرغام وحمل النفس على فعل ما لم يقتنع به ولا يرضاه ، وهو بالنسبة له أمر مكروه

ومذموم ، وتم إرغامه على فعله عبر قوة ضغط صلبة أو ناعمة ، معلنة أو غيرمعلنة ظاهرة أو باطنة

وعكس الإكراه : القناعة والرضا والقبول المفضى غلى الإعتزاز والفخر بقناعته وإختياره والمحفز في ذاته على تبنى إختياره وإثباته وتمكينه ، والحافزية للعمل لإعلائه .

إقتضى أمر الله تعالى وسنته وحكمته أن يكون أمر الدين كله من إيمان بالله تعالى وبملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وإعلان شهادة التوحيد لله تعالى أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من قناعة كاملة ورضا مطلق من الإنسان أن الهداية الى الله تعالى مرهونة ومشروطة من الله تعالى بالقناعة العقلية والإختيار الطوعى عن قناعة وحب ورغبة داخلية صادقة في الهداية إلى طريق الله تعالى (لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِنَ الْغَى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .

وذلك لعدة أسباب :

1 ــ مقتضى إحترام وتكريم الله تعالى للإنسان الذى كرمه الله تعالى وميزه عن بقية المخلوقات وأسجد له الملائكة وسخرله كل ما في الكون ، قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء 70 وسخر له ما فى السموات والارض

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) لقمان20

2 ـ أن الله تعالى كرم الإنسان ومنحه العقل ومنحه حرية التفكير ومسئولية الإختيار كاملة ولذلك يكون الإنسان مطمئنا سعيدا بإختياره بنفسه وبكامل عقله وحريته وإختياره وقراراه أن يختار الله تعالى عما

سواه ، والسير في طريق إليه في طريق هداه .

3 ــ أن للإنسان مطلق الحرية في اختيار ما يريد من دين ينتسب عليه ويدين به ، وهو في الآخرة مسؤول ومحاسب عن اختياره والتزامه بما اختار من دين .

4 ـ أن الله تعالى لا يقبل إلا العبد الذى جاءه طواعية وبإختياره الحر

ولذلك يفرح الله تعالى بإختيار العبد لله تعالى وللهدى والسير إلى الله بقية حياته ، يفرح به ويباهى به الملائكة المخلقوين للطاعة فقط ولم يمنحوا حق الإختيارالمخصص للإنسان فقط .

5ــ الإنسان مكلف برسالة ومهمة عظمى من الله تعالى في الحياة تعلى من قيمته في هذه الحياة الدنيا

في الآخرة ، مفادها الإستخلاف في الكون وعمارة كوكب الأرض

قال تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ سورة البقرة: 30 خليفة مستأمن على كوكب الأرض وإنتظام وسيرالحياة وإستقرارورفاهية الحياة فيه لكل المخلوقات ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ هود61 ، ، وهى مهمة عظيمة وكبرى لا يمكن القيام بها إلا طوعا وإختيار وإستعدادا ومبادرة .

6 ــ مهمة خلافة الله تعالى للإنسان في كوكب الأرض وتكليفه بعمارة الحياة ، بالجانب الروحى من معتقدات ومفاهيم وقيم وشعائر ، والجانب المادي من بنيان وتقنيات وتكنولوجيا الحياة المتجددة

مهمة شاقة مفتوحة متعددة ومتنوعة المجالات ، فتحت فضاءا واسعا للتنافس والتمايز البشرى

حين قال تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك2

فالإنسان الذى كرمه الله تعالى ومنحه العقل فتح أمامه فضاءا واسعا مطلقا للتفكير والإبداع والإبتكار المتجدد لتنمية وتأهيل نفسه وتعزيز قدرته على الفعل والإنجاز والمساهمة بأكبر قدر من الأسهم

في مشروع عمارة كوكب الأرض ، بما يثبت به ذاته ويعظم من قيمته الفردية المضافة ويضمن له

مكانا راقيا في الحياة الأخرة الأبدية مع صفوة البشر من الأنبياء والمرسلين والعلماء والأعلام

في يوم الفصل بين عظماء الخلق وعمومهم وسفاسفهم ، ومهتديهم وضاليهم .


للإنسان مطلق الحرية في اختيار ما يريد من دين ينتسب عليه ويدين به ، وهو في الآخرة مسؤول ومحاسب عن اختياره والتزامه بما اختار من دين

قانون القناعة والرضا والقبول في الدين

قانون إلهى ملزم في أمر الدين الذى يعد أعظم حقيقة في الوجود كله حيث يتوقف عليها مصيرالإنسان في حياته الدنيا والآخر ، مما يعنى أنه قانون سارى وملزم فيما عداه من كل امور الحياة ، فلإنسان مطلق الحرية في الإختيار بداية من دينه وإنتهاء في كل صغيرة وكبيرة من شئون حياتهن من تعلم وعمل

وزواج وسكن وأكل ونوم ...الخ .

أى أنها منهاج حياة وثقافة وهوية للمجتمعات الإنسانية عامة وفى ذلك العديد من الدلالات المفاهيمية

والتى تتبعها إجراءات سلوكية وواجبات عملية في كافة مجالات الحياة بحسبب المجال والتخصص

وسنتناول هنا عدد ونماذج من هذه التطبيقات في مجالات حياتنا اليومية :

أولا : منهج لا إكراه في الدين في الدعوة إلى الله تعالى :

1ــ حرية المجتمع والمدعوين في قبول ورفض الدعوة ، وحرية إختيار التدين من عدمه

ــ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم" (البقرة).

"وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ " (النور). - "إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ" (فاطر).

- "وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ" (الكهف).

- "فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر" (الكهف). - "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" (البقرة). 2 ــ من دون جبروت وواية وإدعاء محافظة عليهم ، ولا وكالة ولا سيطرة من الدعاة على الناس

- "نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ" (ق). - "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ" (الأنعام). - "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ " (الأنعام). - "وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ" (الأنعام). - "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" (الغاشية). 3 ــ حيث يتوقف دور الداعية على حد البلاغ والبشارة والنذارة ، والإبداع والإبتكار والتطوير في طرق وأساليب وأدوات مهارات البيان والتبليغ للناس

- "فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ" (الرعد).

ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (النحل)


ثانيا : منهج لا إكراه في الدين في تربية الابناء

1ــ إعتماد منهج الإقناع العقلى للأبناء ببيان الدور الوظيفي لكل قيمة ومفهوم وشعيرة تعبدية

لتعرفهم بها ونربيهم عليها ــ مثال فائدة الصوم والصلاة في حياتنا اليومية

2 ـ واجب الأباء والأمهات في تبسيط وبيان المعانى والمفاهيم للأبناء بحسب المرحلة العمرية

مما يتطلب من الاباء والامهات إضافة على ما ورثوه من أباءهم وأمهاتهم ، يتطلب الأمر

تعلم المزيد من مبادىء وأساليب التربية الخاصة بكل مرحلة عمرية ، الطفولة المبكرة والطفولة

والصبا والمراهقة ، والنوعية الخاصة بتربية البنين والخاصة بتربية البنات

3 ــ إعتماد منهج الحوار والمناقشة مع الأبناء وصولا إلى قناعة مشتركة وحرية كاملة للأبناء

في إتخاذ قراراتهم بعيد عن أى ضغط أو إكراه .، بما سيقوى من تفكير وشخصية الأبناء

مبكرا ، ويجسرالفجوة بين تفكير الأبناء و الوالدين ، ويعزز العلاقة بينهم .


ثالثا : منهج لا إكراه في الدين في القيادة والإدارة في العمل المؤسسى

1ـ تعرف القيادة الادارية على مواهب وميول الموظفين والتنسيق بين المهام الوظيفية وبين

مواهب وميول الموظفين ، وصولا الى متعة العمل والحافزية الطبيعية على الأداء والإنجاز

2 ـ إعتماد مبدأ الحوار والنقاش بين القيادة والموظفين وصولا إلى قناعات مشتركة

تعزز من جودة بيئة العمل

3 ــ توسيع قاعدة المشاركة في التفكير والتطوير وصناعة القرار


رابعا : منهج لا إكراه في الدين في الحكم والسياسة

1ـ إحترام قيمة وكرامة الشعب وتقديس حريته في المشاركة في الرؤية والسلطة والثروة

2 ـ تعزيز المشاركة الشعبية والممارسة الديموقراطية في إختيار وتداول النظام الحاكم

3 ــ تعزيز مشاركة الشعب في السلطة بالتوسع في توزيع السلطات والموارد على الوحدات المحلية

ذات المشاركة الشعبية الواسعة


إشكاليات وأشكال الوصاية والحجر على منهج لا إكراه في الدين :

نموذج وصاية الكبير على الصغير ، وإكراهه على تنفيذ الأمر سواء فهمه أو بدون فهم لان فيه مصلحته

بإدعاء البعض غياب وعى الصغير ومن ثم الوصاية عليه و اكراهه على تنفيذ الصحيح الواجب فعله

والصحيح هنا هو التوسع في تعزيز وعى الصغير ، ومناقشته وبناء قناعات عقلية صحيحة عنده

تعزز من تفكيره ووعيه وقناعته ، ومن ثم إحساسه بالرضا والنمو المبكر.

نموذج وصاية العالم على عموم الناس

يدعى بعض الدعاة غياب معرفة العموم ومن ثم يكتفى بتعريف جمهور المدعوين بكيفية تنفيذ الأعمال الواجبه من دون بيان فلسفتها وأهميتها ودورها الوظيفي في حياة الناس .

والصحيح هنا هو واجب الدعاة في تبسيط المفاهيم للناس بقدر عقولهم وثقافتهم ، مع بيان حقيقة واهمية كل مفهوم وحكم وواجب وشعيرة وصولا الى القناعة العقلية التامة المحفزة على الالتزام والجودة

والمحافظة على حقوق المدعوين في المعرفة والفهم

نموذج الحاكم المستبد على الشعب

يدعى بعض الحكام المستبدين المنفردين بالسطو على حقوق الشعب في المشاركة في الرؤية والسطة والثروة ، بدعوى أن الشعب مازال قاصرا وغير قادر على المشاركة في السلطة ، ولا يعرف مصالحه السياسية والاقتصادية ... الخ ومن ثم يجب إبعاده عن المشاركة في الحكم .

والصحيح هو أن الشعوب تعلم كل شىء خاصة المجتمعات ذات نسب التعليم العالية ، كما ان تعمد حجب المعلومات عن الشعب وحرمانه من فهم الحقيقة مستهدف من نظم الإستبداد ، كذلك محاولات النظم المستبدة في نشر التفاهة ، واللهو وتشتيت عقول المجتمع لمحاولة تجهيل الشعوب وإبعادا عن الحكم

نموذج الزوج الغشيم مع زوجته

بعض الازواج يفتقر إلى فهم حقيقة المرأة وقيمتها ومكانتها وكيفية التعامل معها وإحترامها وكيفية مشاركتها في حياته ، بالإضافة إلى بعض المفاهيم والمسلمات الخاطئة عن المرأة ووسمها بأنها خلقت

من ضلع أعوج وناقصة العقل والدين ....الخ والكثير من هذه الخرافات الموروثة .

بالإضافة إلى فهمه الخاطىء لمفهوم القوامة ، ومن ثم يقوم بمحاولة إلغاء شخصية المرأة تماما وحرمانها من مشاركته التفكير والرأى وإجبارها وإكراهها على ما لاتحبه ولا ترضاه ، مما يتسبب فى الكثير من الكوارث الأخلاقية والإجتماعية .

والصحيح هو بناء العلاقة بين الزوجين على الحوار والمناقشة وبناء القناعة المشتركة التى تعزز الحب وتقوى الأسرة

نموذج الأب الفقير تربويا مع أبنائه

الذى لا يمتلك من مبادىء ووسائل وأدوات ومهارات التربية إلا ما ورثه من والديه فقط ، بالإضافة إلى

حبه الفطرى لأبنائه ، ومسلمته أنهم صغار لايدركون مصلحتهم ومن ثم يمارس الإكراه المستمر على أبنائه

مما يتسبب في آثار سلبية على الأبناء، وعلى تكوينهم التربوى وبناء شخصياتهم ، ويترجم علي إتساع الفجوة وبعد وتمرد الأبناء على الأباء مع بداية مرحلة المراهقة .

والصحيح هو تربية الأبناء من الصغر على الحوار والمناقشة والبناء القناعة العقلية التى تعزز نموهم مبكرا ومشاركتهم الرأى .




Comments

Couldn’t Load Comments
It looks like there was a technical problem. Try reconnecting or refreshing the page.
bottom of page