top of page

مخرج واحد بألف داعية وخطيب

توارثناها عن الشيخ الغزالى رحمه الله : لو كان أبوعبيدة عامر بن الجراح موجود الآن لكان مديرا لأحد مصانع الصواريخ ، أو الكمبيوتر ، ولو كانت خديجة بنت خويلد زوجة محمد صلى الله عليه وسلم موجودة الآن لكانت من كبار سيدات الأعمال فى العالم ، لم لا وقد كانت تجارتها عالمية فى عهد الصحراء والجمل. وازيد لو كان عثمان بن عفان موجودا الآن لخصص قسطا كبيرا من إستثماراته فى مجال السينما ، و لكان صاحب أكبر مدن السينما العالمية الآن ولصنع للمسلمين والعرب ما ينافس ويغالب به هوليود أمريكا .



المخرج يأتى إلينا فى كل وقت وحين ، أما الداعية فنذهب اليه فى اوقات محددة
المخرج يأتى إلينا فى كل وقت وحين ، أما الداعية فنذهب اليه فى اوقات محددة

فى عصر التكنولوجيا ، ثم التكنولوجيا فائقة السرعة ، والاتصالات والفضائيات المعاصرة تغيرت الامور كثيرا ، واهم ما تغير هو وسائل وأدوات نشر وتعزيز وتمكين الأفكار والقيم ، وبناء الاتجاهات ، وإدارة السلوك البشرى . وما أحسبه هو أن مخرجا واحدا مبدعا ربما يكون بألف داعية ومصلح وذلك لما يتوفر له من ادوات ومعطيات لا تتوفر لغيره ، يمكن ان تؤتى فعلها وأثرها فى الجمهور المشاهد . بالنسبة للمشاهد المتلقى فى منزله وفى غرفة نومه وهو مستلقى مسترخى وعلى أى حالة نفسية يعيشها تتسرب المشاهد التلفزيونية الى نفسه بما تحمله من رسائل مباشرة وغير مباشره الى عقله ووجدانه ، وبفعل التكرار تتراكم لتفكك وتهدر وتسخر وتهرب من الكثير من القيم والثوابت التى كانت تعتقد وتتمسك بها ، ثم لتتطلع الى الافكار والقيم الجديدة التى تعرض عليها ليل نهار بإلحاح متنوع الوسائل والادوات ، لتعيد تشكيل تصوراته ومفاهيمه عن الحياة بشكل عام . لاحظ الكثير من الافكار والقيم التى تقدم غريبة وشاذه ومستهجنة بشكل كبيرفى بداية الامر، ولكن بإلحاح مقدميها تتسرب الى النفوس وتتحول الى واقع تدريجى ربما يمارس فى الخفاء ، ليخرج بعدها الى العلن ليصبح أمرا واقعا . كما ان الافلام والمسلسلات بطبيعتها بما تقدمه من قصص ودراما ومشاهد متنوعة عبرالصوت والصور الملونة والموسيقى التصويرية المؤثرة كل ذلك يجد سبيله سريعا للنفس البشرية خاصة البسيطة منها وتلك المضغوطة المرهقة طول اليوم وتبحث بشق الانفس عن أى وسيلة تخرج من همومه وآلامه الى السعادة ، حتى وإن كان وهما ودجلا يقدم له ، وهذا سر تعلق الملايين من المجتمع ساكنى القبور والعشش والشقق والغرف الضيقة على المسلسلات والافلام التى تقدم لهم الحياة كلها قصور وفلل ومنتجعات. كما ان المخرج يأتى إلينا فى كل وقت وحين ، أما الداعية فنذهب اليه فى اوقات محددة فما بالنا إن جاء كل هذا فى سياق دعاة خارجون عن نطاق العصر يفتقرون لأدنى أسباب التأثير !. ما احوج المجتمعات العربية والامة الاسلامية الى جيل من المخرجين الافذاذ الذين يعيدون إحياء قيمها وثوابتها ، ويترجموها الى واقع إستشرافى يمكن تحقيقه فيعيدوا لها روحها وفعلها فى الحياة مرة جديدة . ووالله إن لثغر من أهم ثغور الامة التى يجب أن تملأ ، أحسبهم دعاة ومصلحى ذلك الزمان ، والله لفعل احد المبدعين الأفذاذ منهم إن شاء الله ليفوق فعل الف داعية ومربى ومصلح ، فمن لها ياشباب وفتيات اليوم؟ كما انه سيغالب ويتفوق على فعل أمثال خالد وإيناس وذلك لان النفس البشرية بطبيعتها تميل الى الشىء الفطرى الحسن الجميل خاصة عندما يقدم لها على طبق ومائدة جيدة من الدراما الهادفة المثيرة المشوقة. والنفس بطبيعتها وإن إنجذبت وأغريت لمشاهدة الشاذ المبتذل السىء فإنها سريعا ما ترفضه وتلفظه وتسخط عليه وعلى من اعده وقدمه. هذا المخرج يسبقه مفكر يقظ واعى قد أحسن قراءة التاريخ بفلسفته ودروسه وقوانينه يرصد الواقع ويستشرف المستقبل وينتج الافكار المختصرة المطلوبة ربما فيما يقل عن النصف صفحة ، ليتلقفها كاتب القصة والسيناريو ليكمل المسيرة وليكتمل المشهد التحضيرى لإعداد الفيلم والمسلسل بإشراف ورعاية المخرج المبدع .


المخرج يأتى إلينا فى كل وقت وحين ، أما الداعية فنذهب إليه فى أوقات محددة فما بالنا إن جاء كل هذا فى سياق دعاة خارجون عن نطاق العصر يفتقرون لأدنى أسباب التأثير !

وما احوج الاحزاب السياسية وصاحب كل فكرة يريد ان ينشرها فى المجتمع الى قسم او لجنة فنية خاصة تكن مهمتها الاجابة على سؤال : كيف نستطيع ترجمة افكار وبرنامج الحزب فى عمل فنى يقدم للجمهور ؟ تخيلوا فيلما سينمائيا يشرح تاريخ حزب الوفد ويقدم رموزه وافكاره وبرنامجه الى الجمهور فى دراما سينمائية واقعية ، يستشرف فيها ما يمكن عمله وتقديمه لجمهوره وامته خلال المرحلة المقبلة ، ويجيب فيه على اسئلة تحديات واشكاليات الواقع من وجهة نظره وكيف سيواجهها ويقضى عليها ويعبر بالامة الى ابواب التنمية والتقدم . كيف سيكون فعل وأثر الفيلم فى جمهور الناس كبيرهم وصغيرهم ، متعلمهم وجاهلهم رجالهم ونساؤهم ، ربما بل والبتأكيد سيتغير الحال فى صناديق الانتخاب هذا طبعا إن كانت شريفة ونزيهة. ولا مانع من تقديم بعض الافكار والاطروحات والبدائل الممكنة للتعاطى مع اسباب التزير وسرقة آراء الشعب. تخيلوا لو أن أصحاب الفكر الإسلامي انتجوا عدة افلام سينمائية تشرح فكرتهم وتترجم افكارهم ومشروعاتهم الى برامج عمل ، يستشرفوا فيها المستقبل وما يمكن ان يقدموه عمليا للمجتمع والامة ، وما هى النتائج التنموية المتوقعة ، ونتائجها وآثارها على واقع الفرد والاسرة المصرية ، احسب أن الامور ستتغير كثيرا ، ولا يمكن أن ننسي صاحب التجربة الرائدة للفنان المُلقب بواعظ السينما المصرية حسين صدقي . ويتكرر الامر مع كل من له فكر يريد ان يعرضه على أهله ومجتمعه وأمته بمنطق إستشرافى مستقبلى واقعى ممكن التحقيق عالم الممكنات يقول لهم هذا ما سيقدمهم لهم هذا الفكر وهذا الحزب بشكل جلى وواضح يجذب ويثير ويشرح للجميع. بالتأكيد سيتغير الحال إلى الأفضل إن شاء الله ، السؤال الآن هو من يبادر ويبدأ ؟ وله عند الله تعالى وفى تاريخ الوطن والامة السبق والريادة والفضل . اصرخ بأعلى صوتى .... ألا ايتها العقول العربية أين انت ما انيمك وأغفلك ، الأ أيها المستثمرون العرب ما أغفلكم عن أعظم أبواب الاستثمار فى الدنيا والآخرة.

Comments


bottom of page