top of page

ماهي القيم الإسلامية "2"




بواعث وحاجة الإنسان والحياة والكون للقيم والأخلاق


عدة أسئلة تكشف الحاجة إلى القيم واستحالة الحياة بدون نظام للقيم والأخلاق والثقافة والهوية


س1 : الإنسان بفطرته المجبولة على الفجور والتقوى والأسرع منها للفجور عن التقوى


(وَنفسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (7) فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتقوَىٰهَا (8) قَد أَفلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (9) وَقَد خَابَ مَن دَسَّىٰهَا) الشمس


هل يمكن لها أن تعيش دون نظام قيمي يربيها ويرشدها ويضبها ويزكيها؟


س2 : الإنسان المخلوق بهدف عبادة الله تعالى بالتكليف بخلافة الله تعالى في الأرض وعمارة الكون

بحاجة إلى تنمية قدراته الفطرية والذهنية والنفسية والمعرفية والاجتماعية

هل يمكن له أن يحقق ذلك بدون نظام قيمي يؤهله وينميه ويعظم قدراته وممكناته على الفعل والإنجاز ؟


س3 : التنوع البشري سنة إلهية مستمرة في الكون إلى يوم القيامة


(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) الحجرات


(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) الروم


(وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمة وَ ٰ⁠احِدَة وَلَا یَزَالُونَ مُختَلِفِینَ) هود


س3 : هل يمكن أن تستقيم معاملات وحياة الناس والمجتمعات والدول والأمم بدون مرجعية للحكم

تحدد الصواب والخطأ، وتنظم علاقات الناس بعضهم ببعض وتحفظ الحقوق والواجبات وتضمن

استقرار وتحسين جودة حياتهم واستمرارها ؟


س4 : مع بيان فطرة الإنسان في القرآن (كفور ــ ظلوم ــ جهول ــ مجادل ــ يطغى ويستعلى ويتكبر

حب الشر والإفراط والطغيان ..إلخ) تنوع وتقاطع رغبات الإنسان، وميله إلى الطغيان والظلم والاعتداء

هل يمكن أن يصنع الإنسان لنفسه نظامه القيمي الكامل الشامل لتنظيم كافة مجالات الحياة

مطلق العدالة لكل البشر ولكل العصور.

أم أن النظام القيمي من أهم مقررات الدين التي لا يقدر على خلقها وتنظيمها إلا الله تعالى ؟


في هذا السياق


كان نظام القيم الإسلامية تامًا مكملاً للأكسجين والماء كأسباب للحياة على كوكب الأرض وبغياب أحدها فلا حياة في الأرض، فالقيم هي المنتجة للسلوك والخلق والمبدأ والقانون

أي ما قبل الدستور من مرجع ومعيار، ولهذا كانت أعظم نعم الله تعالى على الإنسان هي نعمة القيم بما تمثله من عقيدة ومصدر ومرجع ومعيار ومقصد.


للقيم في تصور الموروث الإسلامي خمس أبعاد : معتقد وواجب ديني ــ مصدر ــ مرجع ــ معيارــ مقصد


1- تنوعت تعريفات وتسميات القيم إلى مسميات متنوعة:

هيئة راسخة ــ أخلاق ــ فضائل ــ معاني روحية ــ مكارم ــ الشمائل ــ القناعات الخاصة ــ مجموعة المثل العليا والأفكار الموجهة ــ أحكام معيارية موجِّهة للسلوك الجمعي نحو الخير ــ المصالح الأساسية اللازمة لاحتياجات وضرورات الناس.


2- إلزام ديني بفضائل تزكي النفس وترتقي بالفرد في مراتب العبودية لله تعالى

والعمل والإنجاز وعمارة الحياة.


3- القيم هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال الطيبة والسيئة بتلقائية.


4- القيم معاني روحية ومعايير ومقاصد للعبودية والرقي والتحضر.


5- يعيش الإنسان حالة دائمة من الصراع الداخلي بين قوى أربع داخل نفسه (العلم والعدل والشهوة والغضب) المحرك لإرادة الخير والشر، التقوى والهوى، وتحكمها وتضبطها القيم والأخلاق.


6- القيم في الإسلام بمثابة الروح السارية في كل شيء (العقائد والعبادات والمعاملات والأحكام الفقهية والتشريعية والسنن والمقاصد والغايات) وفي كل علم وفن وكل الأنساق الفكرية الإسلامية.


7- القيم هي المعايير الثابتة الخالدة، التي تمثل موازين صلاح الأقوال والأفعال والأشياء.


8- القيم هي المبادئ والمعتقدات والسنن والقوانين الاجتماعية والمنطلقات الأساسية ومعايير ونظام التقييم التي توجه المجتمعات في أعمالهم وآليات صنع القرار وتفعيل قدرات وقوى وممكنات المجتمع.


9- تتباين طبقات القيم والأخلاق إلى قيم أصول وأمهات عليا وكبرى وأخرى قيم فرعية صغرى.


10- القيم ذات بعد فردي ومجتمعي وحضاري وأممي.


11- وهي المبادئ وجوهر السياسات المهنية المحفزة والموجهة للقوة البشرية للمؤسسة.


12- وهي السلوك والواجبات المهنية المعيارية التي يجب أن يلتزم بها العاملين بالمؤسسة.


13- الأخلاق الحميدة يولد بعضها بعض، والأخلاق القبيحة كذلك يولد بعضها البعض.


14- القيم منها الفطري ومنها المكتسب، وجميع القيم قابلة للاكتساب بتحريها وتعلمها.


15- يتعرف الإنسان على القيم ويكتسبها تدريجيًا حتى تستقر في نفسه وتتسم بالثبات والاستقرار وتغلب على شخصيته ويعرف بالقيم التي اكتسبها بشهادة الناس من حوله.


16- لكل قيمة هدف محدد ووظيفة أخلاقية إسلامية في حياة الفرد والمجتمع، ومعايير ومؤشرات تحقق

غاية العلم والحكمة والأخلاق وبلوغ السعادة وتحقيق الكمال، فالكمال والسعادة بالعلم والأخلاق معًا،

والتكاليف الإسلامية كلها شرعت لسوقه إليها.


17- ما تم طرحه من مسميات متنوعة وعدم الفصل فيما بين القيم والسلوك والأخلاق وتحرير

معنى كل منها وبيان علاقتها ببعضها البعض، تسبب في أمرين:

أ- كثير من الخلط بين القيم والسلوك والأخلاق وتداعياته على مستوى التنظير والتنفيذ التربوي.

ب - فتح المجال للغرب للترويج لفكرة صعوبة واستحالة الوصول لتعريف محدد للقيم والأخلاق

وفتح فضاء واسع للاستغراق الجدلي واستنزاف الجهود بعيدًا عن جادة الفعل التربوي.



تعريف القيم الإسلامية


في اللغة القيمة: بمعنى قدر الشيء أو قدر ومكانة الفرد.


والشيء القيّم: أي الشيء الغالي النفيس.


والإنسان القيّم: الشخص المعتدّ به ذو المكانة والقدر الرفيع.


والفعل قيَّم الشيء: أي قدّره وقيمه وحدّد قيمته.


مثال: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) ذلك الدين الحق العدل المطلق؛ حيث حدده تحديدًا بأداة التعريف (أل).


في التربية القيمة: فضيلة كبرى تتكون من عدة مفاهيم يتبناها الفرد لاعتقاده بصحتها عقليًا ووجدانيًا

وإيمانيًا تمنحه حالة إيمانية وعقلية ونفسية ووجدانية وسلوكية متكاملة ومتماهية مع فطرته.


- هذا المفهوم له جانبه المعرفي النظري، وكذلك الجانب المهاري التطبيقي السلوكي في واقع الفرد.


- يتكون هذا المفهوم من خلال تفاعلات متعددة خاصة بنشأة الفرد وثقافة المجتمع الذي يعيش

به والمعتقدات الدينية لهذا المجتمع، وكذلك الرصيد الخبراتي من تجارب الحياة اليومية.


- هذا المفهوم وغيره من المفاهيم والقيم التي يتبناها الفرد تمثل المصدر الأساسي والمحرك

الأول لكل ما يصدر عن الفرد من سلوكيات وأعمال.


- تمثل معايير ومقاييس وأحكام للفرد ينظر بها ويقيس كل ما يدور من حوله.


مدلولات القيم في القرآن الكريم:


1- ( ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) [التوبة: 36].

أي الدين المستقيم في ذاته، والمقوّم لأمور الخلق جميعًا.


2- ( يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) [البينة: 3].


أي صحفًا ذات قيمة سامية وعالية وموضع اعتبار واهتمام.


3- ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) [الأنعام: 161].

أي دينًا مستقيمًا لا عوج فيه، له مرجعيته التاريخية العملية المعروفة بالإضافة إلى مرجعيته الدينية.


4- ( وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) [الفرقان: 67]. أي عمادًا ومعيارًا ونظامًا ومقياسًا.

في الشرع القيم هي المعتقد والاتجاه والاهتمام والطموح الذي يملأ على الفرد قلبه وعقله، وتمثل

المحرك الأساس لما يصدر عنه من أفكار وأقوال وأعمال.


وهي المنظم الأساس لطريقة حياته ومن ثم آخرته، ويتحدد مصير الفرد في الآخرة على مقدار

ما يعتقد ويعمل به من هذه القيم.


* الآية: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) أي بقدر ما يحمل من قيم ومفاهيم التقوى من الاستقامة

والتحرز من القيم السلبية المسببة للذنوب والخطايا .


* «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا» الحديث.. أي أكثركم تمسكًا وتمثلاً بالقيم.


* أثقل ما يكون في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق. (حسن) أي ما يقوم ويعمل به من قيم.


* «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، أي القيم كمًّا وكيفًا.



مفهوم القيم بالنسبة للإنسان : ينظر للقيم نظرتان :


قيمة في ذاتها : تكتسب قيمتها من ذاتها فالصدق قيمه لأنه في ذاته أمر معتبر ولازم للإنسان.


قيمة بالنسبة للإنسان : كأن يكون الشيء غير قيّم في ذاته ولكنه قيمة عند بعض الناس (التدخين في ذاته مهدر ولكنه معتبر وقيمة عند المدخنين).


عناصر ومكونات القيمة:

القيمة تتكون من عده مفاهيم ذات منطق فعل رابط لتحقيق عدد من الأهداف

وبقدر قوة المفاهيم وما تحقق من نتائج عملية في حياة الناس، بقدر قوة القيمة

وتترجم القيمة إلى مهارات سلوكية وإجراءات عملية حتى تصبح قابلة للتربية وللقياس والتقويم.

٢٦٥ مشاهدة٠ تعليق

Comments


bottom of page