top of page
صورة الكاتبالدكتور إبراهيم الديب

أزمة تناول القيم والأخلاق الإسلامية بعقول وأقلام غربية (4)- الإشكاليات والاستجابات

تاريخ التحديث: ٢٦ أغسطس ٢٠٢٣

يعيش العالم اليوم أزمة هوية عالمية استثنائية حادة حيث يحاول أن يسيطر على حياة الناس نظام قوى ومسيطر وناشط للكفر والطغيان والشذوذ والانحراف عن فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها في حين ضعف وغفل أهل الإيمان عن رسالتهم وتفككت وضعفت هويتهم الإسلامية وانحسرت عالميا وتلاش فعلهم وأثرهم الحضاري وتراجعوا الى آخر الركب البشرى، لحساب الأديان والثقافات والهويات الأخرى بالرغم من كونهم 2مليار يشكلون ربع سكان العالم ، حقيقة الامر هو ضعف ذاتي للمسلمين نتيجة للكثير من الاشكاليات الداخلية البنيوية العميقة


القيم والأخلاق بعقول غربية
القيم والأخلاق بعقول غربية

إشكاليات المنهج

1ــ دراسة القيم والأخلاق بعقول غربية مؤدلجة

2 ــ التحول عن إجابة الأسئلة الكبرى والعملية للقيم والاخلاق والهوية

3 ــ الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم

4 ــ الإختراق والدخن وتغييب وإهدار التمايز الإيمانى


1ــ دراسة القيم والأخلاق بعقول غربية مؤدلجة

بالرغم من تقديم القرآن الكريم إجابات واضحة وبينة، ودعوته لفتح فضاءات واسعة ومتجددة

للبحث والدراسة والكشف المستمر إلا أننا نحن المسلمون وفي ظل الاستعمار السياسي والعلمي

نعاني من إشكالية التحول عن دراسة علم القيم والأخلاق والهوية بعيون إسلامية ومن مصدره الأساس القرآن الكريم كتاب الهداية للعالمين (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) البقرة ـ ونموذجه الأمثل محمد صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة العظمى للعالمين (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب، والتراث العلمي الكبير تعرضنا إلى التحول لدراسة القيم والأخلاق والهوية عند أعداء الله تعالى وأعداء الإسلام وأعداء البشرية لدى ثلة من الفلاسفة الغربيين الضالين عن هداية ومنهج الله تعالى، والساعين لفرض هويتهم الخاصة على العالم.


القيم والأخلاق بعقول غربية مؤدلجة
القيم والأخلاق بعقول غربية مؤدلجة

القرآن يجيب على الأسئلة الكبرى الأساسية للقيم والاخلاق والهوية

وبالرغم من الاختلاف الجذري في المنطلقات العقائدية والفلسفية، وبالرغم من أن الله تعالى منحنا

نظامًا قيميًا وأخلاقيًا ربانيًا أجاب فيه على الأسئلة الكبرى الأساسية لعلم القيم والأخلاق والهوية

س 1: ماهية القيم وأنواعها ودرجاتها ؟

س 2 :أهمية القيمة وأدوارها الوظيفية الفردية والمجتمعية وعلاقتها بالخلافة والعمارة وعاقبة التخلي عنها ؟

س 3 : علاقة القيم بالسلوك والأخلاق ؟

س 4 : علاقة القيم والأخلاق بالعقائد والعبادات والتشريعات والمقاصد والسنن الكونية ؟

س5 : مصدر القيم ؟

س6 : أسباب الالتزام القيمي الذاتي وفلسفته وكيفيته ؟

س7 : معايير ومؤشرات تحقق القيم في الفرد والمجتمع والأمة ؟

إلا أن الغرب نجح في استقطاب الكثير من العقول الإسلامية ونجح في انتزاعها من ذاتها ومشروعها الإسلامي رحمة للعالمين دنيا وآخرة، وتمكن من تدجينها وتوظيفها لخدمة مشروعه التغريبي الاستعماري.

عدة أسباب صنعت جيل من المستشرقين المسلمين، المحرومين من ثقافتهم وهويتهم الإسلامية

والبعيدين عن قدوتهم وأسوتهم معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، والتبعية المهينة للفلاسفة الغربين - الغير مؤمنين بوجود الله، منحرفي التصور عن الله تعالى والكون والحياة - للأسباب التالية :

أ ــ مع غياب التاريخ والتصنيف والتنقيح والتأصيل والتنظيم والتبويب والتحليل الفلسفي الإسلامي

الراسخ للتراث الإسلامي لعلم القيم والسلوك والأخلاق والهوية.

ب ــ الحرمان من دراسة التراث الإسلامي العظيم في القيم والسلوك والأخلاق والهوية بداية من الوحي

والتطبيق النموذجي المعياري لخاتم الأنبياء والمرسلين ومعلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم

ثم صحابته الكرام والسلسلة الممتدة لعلماء القيم والأخلاق في الإسلام بداية من أبو حامد الغزالي

وبن مسكويه وبن حزم الأندلسي والأصفهاني والهروي وبن تيمية وبن القيم وبن خلدون وصولاً

إلى جيل المعاصرين في القرن 19 م ــ بداية من عبدالله دراز وعشرات العلماء وحتى الآن.

ت ــ تغريب مناهج التعليم قبل الجامعي والجامعي وخاصة

علم النفس التربوي والأخلاق والسلوك وتعمد إبعادها عن القرآن والسنة.

ث ــ قوة وسيطرة المستعمر الغربي وخططه واستراتيجياته وبرامجه العملية لطمس القيم والثقافة

والهوية الإسلامية وإحلالها بهويته الغربية الاستعمارية.

ج ــ تعليم وتخريج أجيال متعاقبة من المسلمين المؤدلجين غربيًا حملة الدكتوراه من المعاهد والجامعات الغربية ( فاقدي الوعي والاعتزاز بذاتهم الإسلامية، شديدي الوعي والاعتزاز بالثقافة الغربية حتى أن أغلبهم لا يعرف فلسفة السلوك من القرآن وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرفها

عند سقراط، لا يعرف شيئًا عن بن مسكويه والهروي ويحفظ ديكارت وهيجل ونيتشه) والذين شكلوا جيشًا فكريًا من وكلاء الغرب لفرض القيم والهوية الغربية على شعوب المسلمين.

ح ــ الاستعمار العلمي للجامعات العربية والإسلامية وتطبيقاتها

في أعضاء هيئات التدريس والمناهج الدراسية، وخطط بحوث الدراسات العليا التي تفرض قسرًا على طلاب الدراسات العليا، وتوظيفها في ترسيخ الاستعمار الثقافي والاقتصادي والسياسي الغربي.

خ ــ المقاربة غير العلمية والتي يغيب عنها المنهجية والواقعية

لنتائج النظام القيمي في الغرب وفي الدول الإسلامية، حيث تم اختزال المقارنة بين النظام القيمي الإسلامي والغربي وبيان تفوق النظام الغربي بامتياز على مستوى السلوك والأداء والإنجاز الحضاري.

هكذا بكل سطحية وسذاجة بالغة دون الرجوع إلى:

1 ــ الفرق بين الدين المقدس والتدين البشري النسبي ــ بين نظام القيم الإسلامية في القرآن الكريم

وبين تخلق الشعوب ومستوى التزامها به في واقعنا المعاصر وما يعتريه من الضعف والانحراف.

2 ــ الحالة الاستثنائية المؤقتة التي يمر بها المسلمون الآن من ضعف وتخلف والتي بدأت مع سقوط الخلافة العثمانية 1924 م والتي تمثل في مجملها قرنًا واحدًا من إجمالي أربعة عشر قرنًا من الزمان

ملئها الازدهار والتفوق الأخلاقي.

3 ــ المقارنة العلمية الحقيقية بين منطلقات ومكونات النظام القيمي في الإسلام وغايته الرحمة للعالمين

وما يمثله من رسالة تنمية وعمران ورحمة للجميع في سياق تصور للحياة بتدافع بشري طبيعي للأفضل

وبين النظام الغربي وغايته القوة والتفوق والسيطرة والمنفعة للأقوى على حساب الأمم الضعيفة

بل إضعاف الأمم المنافسة، وقطع الطريق على الدول الضعيفة والصاعدة من النمو وما يمثله

من رسالة بناء للذات وتدمير للآخر في سياق تصور صراع دائم للحياة.

4 ــ المقارنة بين هوية العالم ومستوى التدافع ونوع الصراع ومستوى استقرار العالم في ظل التفوق الإسلامي، وبين هوية العالم في مرحلة التفوق الغربي الحالي على أنواع الصراع وعدد وأشكال الحروب الهجينة الجارية ( اقتصادية ــ طبية ــ تكنولوجية ــ غذاء ــ طاقة ... إلخ ) بالإضافة

إلى الحروب الصلبة وحجم التدمير والخراب، وأعداد الوفيات وعدم الاستقرار الذي يصيب العالم بالرغم من التقدم الطبي الغير مسبوق.

5 ــ المقارنة العلمية المنهجية لمبادئ ومكونات النظام القيمي القرآني والنظام الغربي البشري

وبيان جوانب القوة والكمال والتفوق المطلق في النظام الإسلامي.

د ــ صناعة المناعة الثقافية ضد التراث العلمي الإسلامي للقيم والسلوك والأخلاق

عبر تشويه وتجريم التراث الإسلامي، ووسمه بالجمود والتخلف واتهامه بأنه منبع ومصدر الإرهاب

كل ذلك وغيرها من الأسباب والأدوات التغريبية، والتي أدت إلى فرض سيطرة منهج الفلسفة الغربية في دراسة القيم والأخلاق والسلوك والتحول منهجيًا من استمرار التواصل مع المنبع الأصلي القرآن الكريم، واستمرار مسيرة البناء العلمي التراكمي على ما سبق التراث الإسلامي، والتحول إلى مرجعية الفلاسفة الغربيين:



انحراف مناهج البحث في فلسفة القيم والسلوك والأخلاق
انحراف مناهج البحث في فلسفة القيم والسلوك والأخلاق

ــ لابد أن ندرك الميزة الخاصة لنا كمسلمين

نؤمن بالله تعالى وبالقرآن الكريم كتاب الهداية الربانية الذي يمنحنا الحقائق الأساسية عن الوجود والإنسان والقيم والسلوك والأخلاق عبر استخدام العلماء والفلاسفة المسلمين مناهج:

ــ تفسير وفهم معاني الآيات والقصص القرآنية كمرجعية قرآنية حاكمة على ما سواها

( قُلْ إِنّنى هَدَاني رَبى إِلى صرَطٍ مّستَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلّةَ إِبْرَهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كانَ مِنَ الْمُشرِكِينَ) الانعام 61

( الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم 30

ــ استنباط وتحليل واستنتاج المفاهيم والنظريات والحقائق القرآنية باستخدام مناهج البحث العلمي المختلفة ( التاريخي والتحليلي والوصفي والاستدلالي .... إلخ )

ــ الاستقراء من الواقع وقراءته وقياسه بالمرجعية القرآنية

ــ فهم مقاصد وسنن القرآن الأخلاقية والإنتاج المعرفي المتجدد

ــ المنهج التجريبي في الواقع وإعادة تقويمه وتطويره


ثبات فلسفة القيم والسلوك والأخلاق والهوية الإسلامية
ثبات فلسفة القيم والسلوك والأخلاق والهوية الإسلامية

في حـيــن أن

الفلاسفة الغربيين الذين لا يؤمنون بالله تعالى يبدأون رحلة البحث عن المعرفة في القيم والسلوك والأخلاق من بدايتها باستخدام مناهج:

ــ البحث الفلسفي ــ منهج الاستقراء من التاريخ والواقع ــ المنهج التجريبي

بــمـــا يـــؤكـــد


1ــ أصالة وشمول وعمق وتمايز المنهج الإسلامي في البحث العلمي والإنتاج المعرفي للقيم والأخلاق

نتيجة الاستناد إلى مرجعية ربانية مقدسة تتجاوز ضعف وقصور وتقلب البشر.

2 ــ انطلاق فلسفة القيم في الإسلام من أساس رسالي لهداية وتزكية الإنسان وتعزيز قدراته وتعظيم

ممكناته على الفعل والإنجاز لتحقيق رسالة الخلافة والعمران في الأرض.

3 ــ تمايز وتميز التراث والثقافة الإسلامية في القيم والأخلاق.

4 ــ ضرورة المحافظة على الخلوص والنقاء الإسلامي من أي دخن أجنبي.

5 ــ مواكبة المنهج الإسلامي للفطرة البشرية وسهولة تطبيقه وفاعليته في الحياة.

6 ــ القداسة والرحمة والرعاية والعمومية والثبات.

7 ــ ارتباط الفلسفة والمعرفة والتراث الغربي للقيم والسلوك والأخلاق بضعف واحتياجات

ورغبات وتدافع وصراع وتقلبات البشر ورغبته في القوة والسيطرة والطغيان وفق المصالح الاقتصادية والسياسية، وتحولت طلاقة وغائية القيمة لذاتها الفاضلة، إلى نسبية ووظيفية القيمة لتحقيق رغبات وأهداف معينة، وهذا ما تم في تاريخ الفلسفة الغربية للقيم والسلوك والأخلاق والهوية والتي أقسمها

إلى ثلاث مراحل تاريخية:


رحلة السقوط التاريخي لفلسفة القيم والسلوك والأخلاق والهوية الغربية
رحلة السقوط التاريخي لفلسفة القيم والسلوك والأخلاق والهوية الغربية

المرحلة الأولى : البحث في القيم للوصول إلى الحقيقة والخير والجمال والحب والمثل العليا

وروادها سقراط ــ وإرنست لوسين وكانت وهيجل ماكس شيلر ولافيل.

المرحلة الثانية : الهبوط الأخلاقي الأول وتحول البحث في القيم عن تحقيق المنفعة والمصلحة

سبينوزا ــ برتراند رسل.

المرحلة الثالثة : الهبوط الأخلاقي الثاني والأخير على يد الفيلسوف الكافر بالله تعالى نيتشه، فيما يعرف

بالثورة على الأديان وموت الإله، وهدم كل النظم القيمية السابقة وعلى كل مقدس وثابت

وتحول البحث في القيم عن القوة والسيطرة وابتزاز الآخر الضعيف وظهور نظرية قيم

الأسياد والعبيد واللارحمة وفرض القيم التي يحتاجها ويقررها القوي السيد على الضعيف العبد.

الاستجابة الواجبة لتحدى واشكالية الاختراق الغربي ودراسة القيم بعقول غربية مؤدلجة

1ــ كشف وفضح حقيقة ومرتكزات ومنطلقات الفلسفة الغربية والمراحل الثلاث لإنحدارها

وانطلاقها من مسلمات الالحاد والكفر والسعى لتدميرالىخر وتحقيق القوة والسيطرة على العلم

بغاية الابتزاز والظلم والطغيان تحقيقا لفلسفة المتعة واشباع الغرائز فى الحياة الواحدة بالدنيا

وتأصيل حقيقية تجريم وتحريم دراسة والتأثر واتباع الفلسفةالغربية للقيم والاخلاق من دون

منهج الله تعالى فى بناء الانسان وفق مقررات الايمان بالله تعالى .

2 ــ إحياء مفاهيم الامة الاسلامية الواحدة والمفاصلة والتمايز الايمانى لنظام القيم والاخلاق والهوية

الإسلامية المؤسسة على وحى الله تعالى القرآن الكريم الكتاب الاخير المعتمد للناس كافة .

3 ــ تأكيد وتأصيل وتوثيق التاريخ العلمى للقيم والاخلاق والهوية الاسلامية مرجعا لقيم واخلاق العالم

وتجسيده فى مشروع الهوية الاسلامية العالمية للعالم

4 ــ بعث وإحياء الحيوية العلمية لعلم القيم والاخلاق والهوية الاسلامية ودراسة واستشراف وتطويرعلم القيم والاخلاق بعقول وقلوب وعيون وأرواح واقلام إسلامية تمتلك الوعى والاعتزاز بتمايزها الايمانى


Comments


bottom of page