سلسلة القيم والأخلاق فى التراث الاسلامى العظيم
نحو نظرية اسلامية للقيم والأخلاق والهوية الاسلامية العالمية
تحتل القيم والأخلاق مكانة عظمى في الإسلام
1- فالقيم جزء من العقيدة الإسلامية، المؤسسة على التوحيد لا إله إلا الله، وأن من خلق وحده جل في علاه هو وحده الذي يحدد الخير والشر والطيب والقبيح، ويشرع القيم والأخلاق ومعايير السلوك.
ومكانة القيم والأخلاق في الإسلام تجسدها آيات القيم والأخلاق في كل سور وصفحات القرآن الكريم وفي مقدمتها قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم
وقوله -صلى الله عليه وسلم- (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق).
2 - وللقيم أدوار وظيفية مهمة في تزكية المسلم وبناء قدراته الذهنية والنفسية والمعرفية والاجتماعية والروحانية وبناء شخصيته وهويته الإسلامية، والكاريزما الإسلامية القوية المميزة والمميزة
3- القيم تمثل المعايير الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة
4- القيم والأخلاق الإسلامية مصدرها القرآن الكريم، وتطبيقها العملي في السنة المطهرة لخير وأعظم نبي (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب
5- بناء نظرية للقيم والأخلاق والهوية الإسلامية فعل تراكمي وتكاملي لجهود علماء الإسلام قديما وحديثا لأجل ذلك كانت هذه السلسة من كتابنا بناء مفهوم القيم ومنظومة القيم.
القيم عند د.عبدالله دراز - 1379 هجريا / 1958 م
1ــ تأصيل القيم الإسلامية
قدم د. دراز تأصيلا فلسفيا علميا بمنهجية جديدة للقيم القرآنية الإسلامية يتمايز عما سبقه ويتوافق مع معطيات وتحديات العصر الحديث مما قدمته الفلسفة والثقافة الغربية للقيم ، لتحقق هدف عام كبير هو الكشف عن نظرية الاخلاق في القرآن الكريم .
تأصيل القيم عند د.عبد الله دراز
قدم أطروحته ــ دستور الاخلاق فى القرآن ــ دراسة مقارنة مع النظريات الغربية للقيم والاخلاق والهدف العام من الدارسة: الكشف عن الطابع العام للأخلاق النظرية والعملية في القرآن الكريم.
الأول: في النصائح العلمية، التي تهتم بالقيمة العليا للفضيلة، مثل رسالة ابن حزم "مداواة النفوس.
الثاني: تمثل في وصف طبيعة النفس وملكاتها، وتحديد مراتب الفضيلة كابن مسكويه "تهذيب الأخلاق." الثالث: الجمع بين المنهجين، كما في كتاب "الذريعة" للأصفهاني، وكتاب "إحياء علوم الدين للغزالي
الرابع: دراسة تأصيلية مقارنة في فلسفة الأخلاق وفق المفاهيم السائدة لدى العلماء المتخصصين المحدثين مع إعمال المرجعية القرآنية المباشرة ــ دستور الاخلاق د.عبدالله دراز .
وقد جاءت دراسته على قسمين: القسم الأول : النظرية الأخلاقية كما يمكن استخلاصها من القرآن الكريم، ( الإلزام، والمسؤولية، والجزاء، والنية، والدوافع، والجهد البشري) القسم الثاني : الأخلاق العملية الفردية، والأسرية، و الاجتماعية، وأخلاق الدولة، والأخلاق الدينية.
2 ــ سماها الاخلاق ووضع الأسس الفلسفية لنظرية الأخلاق في القرآن ، والتي تقوم على
خمس مقومات أساسية:
المقوم الأول "الإلزام":
باعتباره أساس المسؤولية ليعم النظام والاستقرار
والالزام الأخلاقي في القرآن والسنة والإجماع والقياس
(بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
ولأجل ذلك حارب القرآن عدوّين للأخلاقية، هما: اتباع الهوى والانقياد الأعمى
المقوم الثاني المسئولية:
حيث ترتبط ثلاثة مفاهيم ببعضها البعض الإلزام والمسؤولية والحساب ولا يمكن الفصل بينهما أبدا، كما أن المسؤولية ثلاثة أنواع من المسؤولية: المسؤولية الدينية، والمسؤولية المجتمعية، والمسؤولية الأخلاقية المحضة
ــ ومجال وحدود المسؤولية شرطان هما الإمكان والضرورة
ــ وشروط المسؤولية اربعة: الطابع الشخصي، والأساس القانوني، والعنصر الجوهري في العمل، والحرية، والمسؤولية فردية ولا يطيقها غير الإنسان البالغ العاقل الواعي بتكاليفها
المقوم الثالث الجزاء:
الذي هو ردّ فعل القانون على موقف الأشخاص الخاضعين لهذا القانون
وينقسم الجزاء إلى ثلاثة أنواع: الجزاء الأخلاقي، والجزاء القانوني، والجزاء الإلهي.
المقوم الرابع النية:
ويقصد بها الوعي والقصد والدافع للعمل بضرورة وجود دافع شخصي وإيمان حقيقي بالعمل لا يترك الإنسان يخمل أو يتردد أو يقعد، ولذلك نجد
المقوم الخامس العمل:
إذ لابد للإنسان أن يبذل جهداً بدنياً وذهنياً لكي يكتسب المعارف والمهارات ويحقق أهدافه الدنيوية والأخروية والقرآن القرآن الكريم يدعو إلى العمل ويحث على تحمّل المسؤولية
العمل لتعلم الاخلاق واكتسابها وتنفيذها والالتزام بها والدفاع عنها ونشرها
ونظم دراز ما سماه دستور الأخلاق في القرآن الكريم
استعرض فيه الآيات المتعلقة بالأخلاق الفردية، والأخلاق الأسرية، والأخلاق الاجتماعية، وأخلاق الدولة والأخلاق الدينية، وأمهات الفضائل الإسلامية.
3 ــ بدأ ببناء تصور لنظرية الاخلاق الاسلامية الخاصة التي تنتسب الى القرآن الكريم
ونحت مصطلحات جديدة مثل:
(“منظومة الأخلاق"، أو "النظام الأخلاقي"، أو "قانون الأخلاق"، أو "دستور الأخلاق"، أو "النظرية الأخلاقية") والتي تعبر عن الحاجة لنظام قيمي قرآني خاص بخلاف ما عليه النظم القيمية الغربية
والتى ناقشها بعمق فلسفى وعلمي عميق على مسطرة وحى السماء القرآن الكريم .
خلاصة في أهم ما قدمه د/ عبدالله دراز للقيم
1ــ سماها بالأخلاق وحدد مصدرها من القرآن الكريم ووضع خمس مقومات أساسية لبناء نظرية اسلامية للأخلاق
2 ــ صنف الاخلاق من حيث الاستخدام لأخلاق فردية، وأخلاق أسرية، وأخلاق اجتماعية، وأخلاق الدولة وأخلاق دينية، وأمهات الفضائل الإسلامية.
3 ــ استخلاص وتنظيم وتبويب الأخلاق واستحدث مصطلحات (منظومة الاخلاق ــ نظام الأخلاق
ــ قانون الاخلاق ــ دستور الاخلاق ــ النظرية الاخلاقية) فى بيان منه وتأصيل وتأكيد على مرجعية الاسلام فى مجال الاخلاق
وبذلك أطر وأعاد إحياء انتاج علم إسلامي كائن وراسخ عن طريق استخلاص وتنظيم وتبويب نصوص وشروح القيم والأخلاق من كونها مفردات متناثرة عرضيا في علم تفسير القرآن والعبادات والمعاملات والرقائق وعلوم الفقه والسير والتاريخ ...الخ من فروع علوم الاسلام وتأطيرها رأسيا فى مسمى معاصر هو علم الأخلاق فى كتابه دستور الأخلاق
4 ــ قدم مقاربة عقلية علمية بين الاخلاق القرآنية وحي الله تعالى للبشر، وغيرها من الاخلاق الغربية نتاج الفكر البشرى مبينا موقعها من اخلاق القرآن الكريم
4 ــ أصل وحافظ على أصالة ونقاء المصدر القرآني
من الدخن الغربي الذي يحاول السيطرة على العالم واخفاء منهج ونظم وقيم الاسلام والأديان كلها وتفريغ الساحة لفلسفة وقيمه الارضية المؤسسة على نوازع وأفكار البشر
من لقوة و السيطرة والمتعة، في كتابه النبأ العظيم .
5 ــ وجه الانظار الى ضرورة امتلاك نظام قيمي قرآني خاص لبناء الفرد والاسرة والمجتمع
والدولة والامة الاسلامية
Comments