top of page

القيم عند بن باديس -نحو نظرية اسلامية للقيم والأخلاق (14-30)

تاريخ التحديث: ٢٨ يوليو ٢٠٢٣

سلسلة القيم والاخلاق فى التراث الاسلامى العظيم

نحو نظرية اسلامية للقيم والأخلاق والهوية الاسلامية العالمية


تحتل القيم والأخلاق مكانة عظمى في الإسلام

1- فالقيم جزء من العقيدة الإسلامية، المؤسسة على التوحيد لا إله إلا الله، وأن من خلق وحده جل في علاه هو وحده الذي يحدد الخير والشر والطيب والقبيح، ويشرع القيم والأخلاق ومعايير السلوك.

ومكانة القيم والأخلاق في الإسلام تجسدها آيات القيم والأخلاق في كل سور وصفحات القرآن الكريم وفي مقدمتها قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم

وقوله -صلى الله عليه وسلم- (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق).

2 - وللقيم أدوار وظيفية مهمة في تزكية المسلم وبناء قدراته الذهنية والنفسية والمعرفية والاجتماعية والروحانية وبناء شخصيته وهويته الإسلامية، والكاريزما الإسلامية القوية المميزة والمميزة

3- القيم تمثل المعايير الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة

4- القيم والأخلاق الإسلامية مصدرها القرآن الكريم، وتطبيقها العملي في السنة المطهرة لخير وأعظم نبي (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب

5- بناء نظرية للقيم والأخلاق والهوية الإسلامية فعل تراكمي وتكاملي لجهود علماء الإسلام قديما وحديثا لأجل ذلك كانت هذه السلسة من كتابنا بناء مفهوم القيم ومنظومة القيم.



القيم عند بن باديس
القيم عند بن باديس

القيم عند بن باديس - 1359 هـ/1940م

1 ــ التعريف : نظر للقيم وعرفها من مدخل علم المقاصد :

تعريف القيم :

سماها القيم والأخلاق وأعتبرها بمثابة المعايير الأساسية لتقييم الإجراءات والسلوك، وتشكل أساس التعليم وتكوين الشخصية. مؤكدا على ضرورة تأسيس الأخلاق على العلم والدين معاً.


صمم مشروعا للتحرر والاصلاح والنهوض

آمن به وسخر حياته للعمل لتحقيقه عبر نظام قيمى محدد الملامح نحو الوعي بالهوية والثقافة الإسلامية والجزائرية، ويشدد على أهمية تعزيز القدرات التحليلية والنقدية الذاتية، واكتساب المعرفة والثقافة، والعمل من أجل التقدم والتنمية المجتمعية، كما أكد على أهمية العمل الجماعي والتضامن والمساهمة في خدمة المجتمع والوطن.

النظام القيمى لتحرير ونهضة الأمة




الحرية ــ الحق فى الحياة ــ العدل والمساواة ــ الإخاء

ــ التسامح والتعايش السلمى ــ الحب بين الناس الفن والجمال








الدور الوظيفي للقيم والاخلاق

1 ــ تزكية النفس

2 ــ بناء القدرات

3 ــ تحفيز المسلم على الفعل والإنجاز

مصدر ومرجعية القيم و الأخلاق

هو القرآن الذي جاء موضحًا الأخلاق الصحيحة وعظم نفعها وحسن عاقبتها، ومبينًا الأخلاق الفاسدة وسوء أثرها وقبح مغبتها، فجاء مصححًا للعقائد مقومًا للأخلاق وبهما سلامة الأرواح وكمالها.

انطلاقا من تصوره للقيم الإنسانية وفهمه للإسلام والقرآن ويعتقد أن هذه القيم قبل أن تكون قيما مدنية أو نتاجا لحضارة ما فإنها قيم الإسلام والتي انتشرت وأزهرت للإنسانية جميعا

من محمد صلى الله عليه وسلم عرفت الإنسانية وذاقت حرية العقول والرقاب ومنه عرفت وذاقت العدل على أتم معناه ومنه عرفت وذاقت المساواة بين العباد فيما هم متساوون فيه وبهذه الأصول العظيمة أمكن اشتراك أمم كثيرة تحت راية الإسلام في خدمة العلم والمدنية حتى أزهرت رياضهما وسمت صروحهما في الشرق والغرب واغترفت من معينهما أبناء الإنسانية جمعاء

مؤكدا بأنه لو تربت الإنسانية المعذبة على المبادئ الإسلامية لكانت الكرة الأرضية كلها وطنا واحدا



منهاج بن باديس فى إحياء القيم والاخلاق الإسلامية :

عمل على أحياء الاخلاق الاسلامية عبر أربع مسارات أساسية:

1 ــ اختيارالقيم اللازمة لتلبية احتياجات المرحلة التاريخية

2 ــ ترجمة القيم النظرية الى اجراءات سلوكية وواجبات عملية محددة

3 ــ تعليمها للناس وتربيتهم عليها بالقدوة والخطب والمحاضرات والدروس العامة لكل شرائح المجتمع

مع تركيز الفعاليات والانشطة التربوية المتنوعة لمراحل التعليم قبل الجامعى

4 ــ اعداد وتأهيل وتخريج جيل من الدعاة لتغطية كل أنحاد البلاد

5 ــ انشاء محاضن تربوية خاصة لاعداد نماذاج نوعية من الدعاة والمصلحين والمجاهدين المجددين

وعرف نفسه بأننى مرشدا دينيا أنشر التوحيد والفضيلة والعدل والإحسان وأدعو إلى العمل والنظام واحترام القانون وحسن الجوار"، فهذه القيم الإنسانية والدعوة إليها كان يراها ابن باديس واجبات دينية.



منطلقاته الفلسفية :

1ــ الالتزام بحقائق الاسلام وتاريخ وتراث الامة الاسلامية، ونهج السلف

2ــ التفاعل مع واقع مجتمعه وحقائق عصره

3ــ الانفتاح على الافكار الاخرى المتجددة

4 ــ الحرص على بعث يقظة فكرية وسياسية في نفوس الأجيال، تعيد للأمة عزتها

5ــ الالتزام لالتفكير العقلانى المتفتح من جهة، والسلفي الملتزم من جهة ثانية

6 ــ السلفية عنده تعني اتباعا للنهج الذي رسمه الرسول والصحابة واتبعه الأئمة المجتهدون.

ولذلك جمع وزواج بين التفتح العقلي على الحياة المعاصرة والالتزام بالأصول الدينية الصحيحة

الحسن و القبح عند ابن باديس:

1ــ العقل الذي هو الأداة الرئيسة في العلم، والفيصل المميز لحسن الأفعال من قبحها، وقد وهبه الله هذه الملكة حتى إذا اقتاد لأوامر الشرع ونواهيه يكون اقتياده عن وعي وتبصر، فحسن الطاعات وقبح المعاصي مركوز في العقول.

2ــ علاقة الحسن والقبح بالشرع تكمن في أن الله حبب إليه ولعباده الحسن فأمر به وكره القبح ونهى عنه ومن ثمة جاءت الشرائع موافقة العقل.

الخير و الشر في نظر بن باديس:

1ــ ميز بين الخير المحض والشرالمحض، كما ربط بين الشر والظلام وبين الخير والنور كتشبيه وترميز

2ــ عالم الأرواح عالم نوراني فهو خير محض كما هو الحال بالنسبة للملائكة

3ــ الأنبياء من عالم الخير المحض أيضا

4 ــ المخلوقات كلها خلقت بحق ولحكمة فهي في نفسها خير، فإن كان لا ينشأ من أعمالها وآثارها إلا الخير فهي الخير المحض، وإن كان ينشأ عنها الشر أحيانا أو دائما فعملها هو الشر وهو المستعاذ منه...فالله لا يرضى بالشر ولا يكلف به".

5ــ ميز ابن ثلاثة مفاهيم في ثنائية الخير والشر: فهناك الخير لذاته، والشر لذاته، والشر النسبي.

فأما الخير لذاته: فمثله "كالمال الذي سماه الله خيرا في القرآن، يكسبه صاحبه من الوجوه الشرعية

وينفقه في الوجوه المشروعة، ويتحرى رضا الله في جمعه وتفريقه فيكون خيرا بذاته وبعمل صاحبه

وأما الشر لذاته: فهو على نقيض الخير لذاته، ونماذجه كثيرة كالكفر والظلم والكبر...إلخ

بينما الشر النسبي: فهو انقلاب النعمة إلى شر وبلاء بسبب سوء التصرف فيها.

6 ــ الإنسان من حيث هو مكلف يظهر الخير و الشر في أفعاله، وقد منحه الله قوة التمييز، ولكن لم يمنحه قوة الاستعصام امتحانا له في تطبيق القوانين الثابتة للخير و الشر و التي حدد له ملامحها الرئيسية الشرع . ومن هنا كان اللجوء الدائم إلى الله ضروريا لينور بصيرته ويسهل السبل لعقوله لبلوغ أعلى درجات اليقين و الحكمة حتى تتوافق العلوم مع الأخلاق وينجح في الامتحان الإلهي له.

غاية العلم و الحكمة و الأخلاق :

1ــ غاية العلم والحكمة والأخلاق هو بلوغ السعادة وتحقيق الكمال، فالكمال والسعادة بالعلم والأخلاق معا

التكاليف الإسلامية كلها شرعت لذلك لسوقه إليها"

2ــ السبيل إلى بلوغ درجة الاستفادة من نور العقل والاقتداء بالشرع وبلوغ السعادة والكمال لا يكون

إلا بالتربية والتعليم، لذلك قال:" إن الذي نوجه إليه الاهتمام الأعظم في تربية أنفسنا وتربية غيرنا

هو تصحيح العقائد وتقويم الأخلاق، فالباطن أساس الظاهر وفي الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد

كله وإذا فسدت فسد الجسد كله.

قناة قيمى هويتى متخصصة فى القيم والهوية الاسلامية https://www.youtube.com/c/qimehawiatey المنطلقات الأساسية لفهم الأخلاقي عند ابن باديس :

ــ استخدام مصطلحات أربعة القلب، الروح، النفس، العقل فى مذهبه في الأخلاق.

ــ جعل من القلب أساس الحياة الأخلاقية، ويقول بأن إطلاق لفظ الفؤاد والقلب على العقل مجاز مشهور

ــ النفس الكريمة هي التي كملت بمحاسن الأخلاق التي بها كمال النفوس ووسيلتها إلى ذلك التحلي بعقائد واخلاق الإسلام فيتذوق حلاوتها، وتكون له إرادة قوية في الفعل والترك تملك بها زمامها، تلك الإرادة التي لا تكون إلا عن عقيدة راسخة.

ــ النفس البشرية يسري عليها ما يسري على البدن من صحة ومرض، فكما أن صحة البدن هو اعتدال مزاجه وقيام أعضائه بوظائفها، ومرضها هو تعطيل أعضائه وضعفها وعجز بعضها أو كلها عن القيام بوظائفها، الأمر كذلك أيضًا بالنسبة للنفس من حيث اعتلالها ومرضها، وطريقة علاجها وتقويمها، فعلاج البدن بالدواء (وإصلاح النفس بمعالجتها بالتوبة الصادقة وإفساد البدن بتناول ما يحدث به الضرر، وإفساد النفس بمقارفة المعاصي والذنوب).

ــ المقصود من القلب فى القرآن والسنة ليس مادته وصورته، وإنما المقصود النفس الإنسانية

المرتبطة بالحياة الأخلاقية، وصلاحها بصلاح العقائد والاخلاق

ــ الخلق قابلة للإكتساب والتعديل والتحسين حتى يصير ملكة نفسه، إذ يعرف الخلق بأنه

(الملكة النفسية التي تصدر عنها الأعمال).





الرؤية التربوية لمشروع بن باديس الاخلاقى الإصلاحى :

1 ــ التعليم والتربية هما هدف وغاية في تكوين الشخصية عقليًا ونفسيًا وسلوكيًا

والمقصود بالتربية هي جملة المبادئ والقيم التي تنتمي إلى ثقافة وحضارة الإسلام

2 ـ الإعداد الروحي

3 ـ التربية الأخلاقية

4. ملامح الفكر التربوي الأخلاقي عند ابن باديس:

أ. ضرورة الاهتمام بالإنسان ب. الشمولية في الإصلاح ج. التزكية الأخلاقية:

ــ صاغ القيم والفضائل الأخلاقية في صورة منهجية وفق قواعد عامة معروفة، ثم في صورة نداءات ووصايا يمكن أن تتحول إلى قالب تعليمي وإرشادي يسهل التعريف به والدعوة إليه

ــ نظرية متكاملة في كيفية إصلاح الإنسان وبنائه وتقويمه، وقدمها، كنموذج للأخلاق العملية التي تقوم على أساس ديني واجتماعي.

ــ مبادئ الأخلاق الإسلامية في صورة وصايا يجب اتباعها والعمل بها

ــ بين مدى فائدة الاقتداء والامتثال لهذه الوصايا فى الحياة وللوطن وللدين وللأمة وفى الآخرة

القواعد التربوية لمشروع بن باديس الاخلاقى الإصلاحى

ووضع ابن باديس مجموعة من القواعد الواجبة الالتزام والتنفيذ كإطار عام لمنهجه في التربية الأخلاقية:

القاعدة الأولى: الالتزام بالمنهج القرآني

القاعدة الثانية: الجمع بين النظر والعمل

القاعدة الثالثة: صدق العمل

القاعدة الرابعة: المطابقة بين الظاهر والباطن

القاعدة الخامسة: المطابقة بين العلم والدين

المنهج التربوي للإمام ابن باديس لمشروع بن باديس الاخلاقى الإصلاحى :

بنى ابن باديس منهجه التربوي على عدة أسس منها:

١- التعليم المسجدي: حيث يرى أن المسجد والتعليم صنوان في الإسلام من يوم ظهر الإسلام

2- إعداد وتأهيل العلماء: أسس جمعية العلماء وونشر فروعها فى ربوع الجزائر

3- بناء محاضن تربوية خاصة لبناء جيل جديد من الشباب:

الانتشار بالمحاضرات والندوات واختيار وتاهيل المعلمين وتأسيس المحاضن التربوية الخاصة


خلاصة في أهم ما قدمه الشيخ بن باديس للقيم


1ـــ ما يميز بن باديس هو إنطلاقه من نظرية أخلاقية ترجمها فى مشروع تحررى واصلاحى متكامل

2ــ جمع بين تخطيط القيم وبناء وتمكين القيم والأخلاق

3 ــ ترجم القيم النظرية الى اجراءات سلوكية وواجبات عملية قابلة للتربية والاكتساب والتخلق الدائم

4ــ تبني القيم القرآنية بشكل متكامل شمل الدعوة النظرية أعقبتها بتطبيق عملي مقدما فيه النموذج العملى

المعياري من نفسه والذي هو أشد فعلا فى قلوب الناس من وقع الكلمات، واتبعه بالانتشار قى ربوع

البلاد لتعليم وتربية طلابه والناس كافة علي القيم وترسيخها في قلوب أفراد المجتمع

إيمانا منه بأن العقيدة الإسلامية تربط القول بالعمل والفكرة بالتطبيق

(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) العصر

5 ــ الواقعية الحركية الفاعلة بتوفير عناصر المنظومة التربوية

أ ــ المحتوى التربوى للقيم والاخلاق

ب ــ اعداد وتأهيل الدعاة والمعلمين

جـ ــ تنوع الأنشطة التعليمية والتربوية للقيم والاخلاق

د ــ وضع اهداف وغايات تربوية يجب الوصول اليها فيما يسمى حديثا بمعايير ومؤشرات التحقق


Comments


bottom of page