top of page
صورة الكاتبالدكتور إبراهيم الديب

إشكاليات الإنتاج المعرفي (7)-الإشكاليات والاستجابات

تاريخ التحديث: ٢٨ أغسطس ٢٠٢٣

نحو نظرية إسلامية للقيم والأخلاق

ونموذج معيارى عالمى للقيم والهوية الاسلامية



إشكاليات الإنتاج المعرفي والعلمي

1 ــ غياب المؤسسية العلمية والعملية.

2 ــ عدم بيان التمايز الخاص بالقيم القرآنية الإسلامية عن كل ما سواها من القيم البشرية.

3 ــ عدم تحرير المفاهيم والمصطلحات الأساسية لعلم القيم والأخلاق والهوية الإسلامية.

4 ــ عدمبيانالعلاقةبين القيم وبقيةالمكونات الأساسية للدين.

5 ــ إشكالية اختزال وحصر الموروث القيمي والأخلاقي الإسلامي.

6 ــ ظاهرة البحث عن أمهات وكليات وأصول القيم والأخلاق دون سياق ونظرية عمل واضحة.

7 ــ الاستغراق في تحرير مفهوم القيم السلوك والأخلاق، وتعطل صناعة القيم والهوية الإسلامية.

8 ــ إشكالية توقف تصنيف القيم على استخداماتها وليس لذاتها.

9 ــ اختزال وتسطيح الأهمية الاستراتيجية والحضارية للقيم في تحسين السلوك.


1 ــ غياب المؤسسية العلمية والعملية




المؤسسية العلمية تعني وجود خطة علمية عامة للدولة تتضمن خطط تفصيلية لكل مجال من مجالات العلوم الإنسانية والكونية تدير وتنظم عمليات البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحوث وللأفراد الباحثين والكتاب منتجي المعرفة.

ــ وبالرغم من التأسيس الجامعي العلمي والتعليمي المبكر لنا كمسلمين للعديد من الجامعات العلمية والتعليمية وفي مقدمتها:

1ـ جامعة القيروان 50هـ ، 670 م 2 ـ جامعة الزيتونة 68 هــ ،698 م

3 ـ جامعة المسجد الأموي 75 هـ ، 705 م 4 ـ جامعة مسجد الأزهر359هـ 970 م

إلا أنه لم تتوفر المؤسسية العلمية الممسكة ببوصلة ورؤية للبحث العلمي والإنتاج المعرفي

حيث كانت الغلبة للعلماء وجهودهم الفردية كل حسب تصوره وأهدافه في مجال تخصصه

مما أدى لفردية البحث والإنتاج العلمي، وتكرار البدايات وغياب التكامل والتراكم العلمي.

ــ ومع سقوط الخلافة وصعود الغرب الاستعماري وسيطرته على نظم وخطط التعليم بالعالم

الإسلامي تعمد إبعاد وتهميش وتقويض أهم العلوم الاستراتيجية الخاصة ببناء الإنسان

والمجتمعات والأمم وفي مقدمتها علم القيم والسلوك والأخلاق والهوية.

ــ غياب وجود مراصد علمية مؤسسية لرصد السلوك المجتمعي وتحليله وتتبع وتوصيف حالة القيم وما يعتريها من صعود وقوة وصلابة وتمدد، وضعف وهبوط ومرونة ورخاوة واختراق خارجي.


حتى غلب على البحث العلمي والإنتاج المعرفي في مجال القيم والهوية ثلاث مسارات :

الأول : الاجتهاد الفردي حسب الرؤية الجزئية لتصورات وأفكار وأهداف الباحث.

الثاني : موضوعات تعزيز التغريب في الثقافة الإسلامية.

الثالث : موضوعات استهلاكية مكررة غير ذات قيمة مضافة للعلم.


مما أدى إلى عشوائية البحث العلمي والإنتاج المعرفي في مجال القيم والأخلاق والهوية

نتيجة لغياب المشروع الجامع للقيم والأخلاق والهوية الإسلامية، وما ترتب عليه من غياب الخريطة البحثية الاستراتيجية للأسئلة الكبرى والفرعية والتفصيلية للبحث في مجال القيم والأخلاق والهوية

والتي تجسد الاحتياجات المعرفية والحالية لعلم القيم والأخلاق بحسب احتياجات الدولة والأمة الإسلامية

خلال هذه المحطة التاريخية، ويتجلى ذلك في عدة أشكال:

أ ــ كثرة المقاربات والمقارنات البينية من جهة، ومع الفلسفة الغربية في القيم والأخلاق.

ب ــ التكرار المكثف في موضوعات بعينها (أهمية القيم وتفسير السلوك وأنواع السلوك ودوافع السلوك .إلخ) مع تغافل الكثير من الموضوعات الهامة (ترجمة القيم إلى سلوك إجرائي ــ تخطيط وبناء وقياس تحقق القيم ــ تقويم السلوك ــ القيم وتطوير الأداء المهني .... إلخ)

ت ــ البحوث التوافقية التي تعمل على عمل مقاربات بين آراء الفلاسفة الغربيين، والقرآن الكريم

وأفكار العلماء المسلمين، في محاولة منهم لتعظيم شأن الفلاسفة الغربيين وأسلمة بعض الأفكار الغربية واعتمادهم مراجع علمية للقيم والأخلاق، واختراق عقول المسلمين.

ث ــ غياب منطق الفعل الرابط التتابعي على المستوى الرأسي والأفقي في البحوث الجارية

والإنتاج المعرفي التاريخي المتعاقب في مجال القيم والأخلاق

مما أدى إلى التأخر في تنظيم نظرية إسلامية جامعة متفق عليها للقيم والهوية تجيب على الأسئلة

الكبرى للقيم وتحدد مسارات البحث العليا الحالية والمستقبلية للباحثين في كافة أرجاء العالم الإسلامي.


2 ــ عدم بيان التمايز الخاص بالقيم القرآنية الإسلامية عن كل ما سواها من القيم البشرية


من أهم ما يميز القيم الإسلامية أنها قيم:

1 ــ قيم قرآنية ربانية المصدر تمتلك القداسة الربانية والعلم والحكمة الإلهية المطلقة.

2 ــ قيم تمتلك في ذاتها قوة إيمانية وروحية خاصة في اتصال العبد بالله تعالى مباشرة.

تمنح المؤمن قوة تطبيق وصلابة التزام ومراقبة ذاتية ورغبة في التجويد والتحسين المستمر

في فهمها وتنفيذها وتعليمها للآخرين.

ــ قوة إيمانية وروحية تتجاوز حدود منطق العقل الآني قصير الأجل محدود التصور

لأهمية وأثر القيمة في الحياة الدنيا وما بعدها في الحياة الآخرة.

3ــ قيم تمتلك قوة إيمانية وروحية تتجاوز حدود منطق العقل الآني السطحي الغير مؤمن بالعلم

والحكمة الإلهية المطلقة .

تجعل المؤمن يمارس قيم وسلوكيات معينة من منطلق إيماني يمنحه كل الثقة والاطمئنان

في تحقيق النفع له في الدنيا ولو بعد حين وفي الأخرة، وأن كان يبدو للعقل الظاهر المجرد من الإيمان غير ذلك

مثال 1 : يلتزم المؤمن بقيمة الصدق مؤمنًا بقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ التوبة 119 وبقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم (عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق، حتى يُكتب عند الله صدِّيقا)

فيلتزم الصدق موقنًا بأن فيه النجاة والفوز في الدنيا والآخرة، ويمر عليه الحدث لو كذب بكلمة واحدة لنجا

وربما حقق مكاسب مادية كبيرة ولكنه يلتزم إيمانه ويصدق فيتعرض لكثير من المتاعب ولكن موقن كل اليقين بأنه سيفوز ولو بعد حين وكذلك في الآخرة.

مثال 2 : عن أبي هُريرة أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ــ رواه مسلم.

ربما ظاهر هذا الحديث ينافي العقل الغير مؤمن فكيف لا تنقص الصدقة من المال ؟ ولكن العقل المؤمن بالله تعالى يلتزم قيمة الإنفاق وينفق موقنًا بأن الله تعالى سيعوضه بأكثر مما أنفق ...وهكذا في الكثير من القيم.


إشكاليات الإنتاج المعرفي
إشكاليات الإنتاج المعرفي


4 ــ قيم تمتلك الإعجاز القيمي الإلهي

الإعجاز القيمي في القرآن: العطاء الإلهي المقدس الكامل الشامل المتكامل المطلق الذي يتجاوز

استطاعة وقدرات البشر.

من مجالات إعجاز القيم القرآنية :

1 ــ محتوى مفاهيم القيم 2 ــ أهداف ومقاصد القيم

3 ــ التمييز بين القيم 4 ــ عدد القيم 5 ــ تنوع وشمول القيم

من صور الإعجاز القيمي :

ــ مواكبتها كلها للفطرة.

ــ تماهي مفاهيم القيم جميعها وعدم تقاطع أي مفهوم منها مع أي مفهوم آخر لقيمة من القيم.

ــ المنفعة العامة لكل القيم في وقت واحد من دون تقاطع المنافع.

ــ التمسك الإيماني الذاتي بالقيم حتى وإن لم تظهر المنفعة المادية.

ــ القوة الروحية الكامنة في القيم القرآنية والتي تنتج تطبيقات خارقة وغير متكررة.

ــ تكامل القيم مع العقائد والتشريعات، العبادات، السنن والمقاصد.

ــ القيم القرآنية تبني الإنسان الناجح الصالح المصلح وليس الناجح فقط.


5 ــ تمتلك القيم الإسلامية هوية متجانسة ومتكاملة مع بعضها البعض:

في التكامل البنائي التتابعي لقيم القرآن: فقيمة حب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم كقيم مرجع تأسيسية، تدفع المسلم وتحفزه للتمسك ببقية قيم الإيمان والتقوى والصلاح والإحسان ...إلخ.

وتتكامل مع بقية القيم الكبرى التي أكدها القرآن الكريم كقيم الصدق والحياء والاحترام والخشوع

والعمل والإنجاز ......إلخ لتضع في ذاتها مصفوفة قيمة تأسيسية صلبة لاستكمال بناء القيم المتممة

وقيم الإبداع والإنجاز والتميز التي تعظم قدرات وممكنات على الخلافة والعمران.


Commenti


bottom of page