top of page

الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم (15) - الإشكاليات والاستجابات

الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم :

إشكالية حصار واختزال القيم القرآنية مفتوحة ومطلقة الآفاق المفاهيمية والتطبيقية بطبيعتها

وحصارها بأطر مذهبية وأيديولوجية محدودة وضيقة.

بصبغ القيم والأخلاق بالتصورات الخاصة بالمداخل الفلسفية مذهب وفرقة وتنظيم ومدرسة:

صوفية ــ فقهية ــ مذهبية ــ إسلامية أصولية خالصة ــ هجين من التصورات الغربية والإسلامية

غربية ... إلخ وليس من القيم ذاتها كمنتج قرآني رباني يتم البحث في ذاتها وماهيتها الخاصة بها.

أ ــ الأدلجة المذهبية للقيم

فيما قدمه علماء الكلام وعلماء الأصول حين كتبوا عن الأخلاق النظرية في التّحسين والتّقبيح العقليّيْن

وأن الضمير هو أساس القاعدة والحقيقة الأخلاقية، وفكّر الفقهاء في شروط المسؤولية، وفكّر الصوفية بإخلاص النيّة والقصد، فكانت نظرياتهم الأخلاقية تصدُر في جانب كبير منها عن روح المذهب الذي ينتمي إليه مؤلِّفُوها، ومحض نظراتهم الشخصية.

ــ منطلق بحثهم واستنباطهم واستشهاداتهم لا تنطق من القرآن بل من نظرة وفرضية خاصة.

ــ حتى أن القرآن لا يَرِد ذكره فيها إلاّ بصفة مُكمّلة، شاهدًا أو برهانًا على فكرة أو أخرى سبق الأخذ بها.

ــ حديث الشيعة والمعتزلة إنّ مرجع الأخلاق العقل المحض وفتحوا الباب واسعًا لنحت مبادئه السياسية

داخل النظرية الأخلاقية المزيفة.

ب ــ الأدلجة التنظيمية للقيم

فيما اختزله وحوصله البنا حول مفاهيم ما أطلق عليه في رسالة التعاليم؛ الأركان العشرة للبيعة لدى جماعة الإخوان المسلمين، وهذه الأركان هي: الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوَّة والثقة، وقدم فيه ومن تبعه من الإخوان شروحًا تنظيميًا بحتة فرضت على هذه القيم العشر المبادئ الأيديولوجية لفكر الإخوان، ولذلك جاءت ممارستها السلوكية والأخلاقية التي التزم بها الإخوان تنظيمية داخل أطرهم التنظيمية الخاصة، وقدمت مجتمع نوعي خاص منعزل نسبيًا.


الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم
الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم


ــ نموذج أدلجة القيم .. وأريد بالثقة:

اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانًا عميقًا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة، (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) . والقائد جزء من الدعوة، ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة، وإحكام خططها، ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات (فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) (محمد:20-21)

وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعًا، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات.

ولهذا يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرف على مدى ثقته بقيادته:

1 – هل تعرف إلى قائده من قبل و درس ظروف حياته ؟

2 – هل اطمأن إلى كفايته وإخلاصه ؟

3 – هل هو مستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية طبعًا قاطعًا لا مجال فيها للجدل ولا للتردد ولا للانتقاص ولا للتحوير مع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب ؟

4 – هل هو مستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة والصواب، إذا تعارض ما أمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي ؟

5 – هل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة ؟ وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة ؟

بالإجابة على هذه الأمثلة وأشباهها يستطيع الأخ الصادق أن يطمئن على مدى صلته بالقائد، وثقته به، والقلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63) .

وبذلك قدم البنا فضاءً وإطارًا محدودًا للثقة مرتبط بأهداف ومهمة التنظيم.

في حين أن قيمة الثقة تتضمن فضاء و تصور وأبعاد ومفاهيم أوسع من ذلك بكثير منها :

ــ الثقة في الله تعالى وكتابه ومنهاجه، ووعده وسننه وقوانينه.

ــ الثقة في محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وسنته.

ــ الثقة في الفئة المؤمنة من مجموع الأمة والمجتمع.

ــ الثقة في الإنتاج والرصيد المعرفي من التراث الإسلامي في كل المجالات.

ــ الثقة في المنهج والأسباب العلمية لكل مجال وتخصص.

وكذلك الأمر في التنظيمات المعاصرة المتعددة والمتنوعة (السلفية بأنواعها ــ الجهادية بأنواعها ــ

الدعوية بأنواعها ... إلخ) حيث يقدم كل تنظيم تفسيرًا خاصًا محددًا للقيمة يأتي في سياق الأيديولوجية والأهداف ومجالات العمل الخاصة بالتنظيم.

وهكذا الأمر :

بالنسبة للجماعات الصوفية والتبليغ والسلفية والجهادية .... الخ فكل منها يصبغ على القيم صبغته الايولوجية الخاصة

ت ــ إشكالية الأدلجة العلمية التخصصية لمفاهيم وتطبيقات القيمة

جرى العرف العلمي أن الباحث والعالم والفيلسوف ابن مجاله وتخصصه بالخصوصية الفنية لمجال

تخصصه، و فضاؤه المعرفي وأهدافه ومفاهيمه ومصطلحاته ومعاييره وتطبيقاته ... إلخ.

والقيم القرآنية بطبيعتها مطلقة الزمان والمكان والمفاهيم لتلبية الاحتياجات الأخلاقية اللازمة لتنظيم وضبط والرقي بالأداء البشري في كل مجالات الحياة وتخصصاتها العلمية والعملية.




وفي واقع الأمر:

ــ الباحث في العلوم الاجتماعية والسياسية يعطي للقيمة أبعاد مفاهيمية، وتطبيقات عملية محددة

في حقيقتها تمثل جانب من جوانب فهم وممارسة القيمة القرآنية.

ــ ويأتي الباحث في علم النفس التربوي ليعطي لنفس القيمة أبعاد ومفاهيم وتطبيقات تربوية جديدة.

ــ وكذلك الأمر للباحث الاقتصادي، والإعلامي .... إلخ ليعطي كل باحث في مجاله

تصورًا مفاهيميًا خاصًا للقيمة وفق فضاؤه العلمي والتطبيقي الخاص به، وهذا صحيح في ذاته

ولكن لابد أن يكون واضحًا للعاملين في فلسفة القيم والأخلاق والسلوك لثلاث أهداف:

الأول : الفرق بين التصور القرآني المطلق للقيمة والتصور الجزئي الخاص بمجال التخصص.

الثاني : علاقة الارتباط بين القيمة المطلقة الأم في القرآن الكريم وبين القيمة التخصصية في مجال التخصص.

الثالث : المطلق القرآن يمنح النسبي التخصصي إمكانية وقوة التطور المستمر لمواجهة تحديات

مجال التخصص وتلبية احتياجاته المفاهيمية والسلوكية المستمرة

وذلك للمحافظة على طلاقة القيمة القرآنية واستمرار تطورها على مستوى مجالات الحياة الحالية والمستقبلية المفترض والمتوقع ظهورها مجددًا باستمرار الحياة وتطور العلوم، وتطور مجالات

الحياة وتخصصات العلوم المختلفة.


الاستجابة العلمية والعملية لمؤسسة قيمى هويتى

بناء رؤية علمية ومنهج علمى ومعايير شاملة لصناعة القيمة الاسلامية الفاعلة حضاريا في ضوء

الرؤية العلمية التكاملية للعلوم الستة لبيان مفاهيم وتطبيقات القيمة ، ووفق المراحل المعيارية

الممنهجة لصناعة القيمة ــ كتاب صناعة القيم الاسلامية ـ كتاب النظام المعيارى لصناعة القيم والهوية الاسلامية العالمية ــ قيمى هويتى .


Comments


bottom of page