منهج القرآن في البناء والعمران الحضاري يجمع ثلاثة مقومات أساسية لتحقيق العمران:
أولا العلم والحكم :
( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة 151
ثانيا الوعى بالتدافع والصراع وحسن الإعداد وقوة وجودة تمثيل الحق الإلهي:
(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) الانفال 60
ثانيا - العمل الصحيح :
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة 105
بما يعنى اجتماع الجهد الفكري النظري وجودة التخطيط مع حكمة التعاطي مع الواقع والعمل الميداني التنفيذي، ثلاثية متكاملة لابد منها لا يغنى بعضها عنها، والتقصير فى أحدها يقوضها ويغيب أثرها
الإشكالية:
وفى واقعنا المعاصر ومنذ سقوط الخلافة الاسلامية 1342 هجريا ــ 1924 م وتعرض المسلمين إلى :
1 ــ غياب الوحدة السياسية
2 ــ غياب الإرادة والقدرة الإسلامية الجامعة المنظمة والموحدة والحاشد للأفكار والجهود
3 ــ تحول الجهود التربوية والإصلاحية من مؤسسية الدولة، إلى جهود العلماء والأفراد المجددين
والمصلحين وبعض التنظيمات التي تفتقر الى شروط ومعايير المؤسسية العلمية الحقيقية.
4 ــ غياب المؤسسية العلمية حد وأضعف من قدرة الباحثين على متابعة ورصد ومواجهة التحديات المتجددة خاصة من الخطط الاستعمارية الصليبية المضادة لنظام القيم والاخلاق الاسلامية، ولم يمكنهم من الادراك الشامل والعميق لإشكاليات الواقع وتحدياته، ومن ثم جاءت الكثير من الأفكار والأطروحات
تعمل فى فضاء افتراضي من المفاهيم والأفكار الجزئية والمبتورة التي يصعب تحقيقها
5 ــ غياب المؤسسية العلمية الجامعة للبحث العلمي المنتج للمعرفة القيمية والأخلاقية ،مع غياب المخطط الاستراتيجي ، وعدم التكامل مع الفكر التنظيمي والإداري و الفكر الاقتصادي اللازم للتمويل والتنفيذ
جعل الأفكار الاصلاحية مبتورة وبعيدة عن ميدان التنفيذ، حيث لم تتجاوز توصيف الواقع والبكاء على الزمن الجميل، و والأماني والمطالبات .
6 ــ غياب المؤسسية العلمية الضامنة للضبط والرشد العلمي فتحت الأبواب واسعة للاجتهادات الفردية
والاخطاء المنهجية من الأدلجة المذهبية والتنظيمية والعلمية للقيم من جهة ، ومن جهة أخرى
الاستدراج فى معارك علمية جانبية مع الذات ومع الفلسفة الغربية ، والافراط فى التحسينات الشكلية
على حساب الضروريات العلمية من تركيز الاهتمام على الاجابة على الاسئلة الكبرى لعلم القيم والاخلاق والهوية ،و الانتاج المعرفي والاضافات الجديدة وانتاج ادواتها ، وكيفية تنفيذها عمليا لحل مشاكل المسلمين وتطوير اخلاق وقدرات وقوة ومكانة المسلمين .
7ــ الافراط فى الجانب الفلسفي والنظري على حساب الوصول الى نظرية علمية للأخلاق قابلة للتطبيق والتطوير، بالإضافة الى انتاج الخطط والبرامج والمناهج والوسائل والأدوات التربوية ومعايير الأداء والقياس
8 ــ كثرت الافكار والاطروحات الاصلاحية من دون أدوات تنفيذ ميدانية، وأتخمت المكتبة الاسلامية
بآلاف الكتب والمراجع التي ليس لها مؤسسات تقوم على تنفيذها، واتسعت الفجوة بين النظرية والتطبيق والتنظير والإنجاز
9ــ الافراط فى الجانب الفلسفي والنظري على حساب الوصول الى نظرية علمية للأخلاق قابلة للتطبيق والتطوير، بالإضافة الى انتاج الخطط والبرامج والمناهج والوسائل والأدوات التربوية ومعايير الأداء والقياس
بشكل عام :
وجود فجوة بين طبقة الفلسفة والفكر والانتاج المعرفي وبين طبقة المنفذين التربويين من المربين والمعلمين والدعاة والكتاب والمثقفين والشعراء والقصاصين الفنانين المتواصلين بشكل مباشر مع المستفيد النهائي من علم القيم والسلوك والاخلاق
الاستجابة الواجبة :
Comments