تعرض الفكر الاسلامى لمجموعة من الأسباب الذاتية والخارجية التى تسببت في الوقف الطوعي لحركة التجديد الفكري الاسلامى بلغت ذروتها مع الثلث الأخير من العصر العباسي
ويمكن إيجاز أهم هذه الأسباب :
اولا : الأسباب الذاتية ــ الداخلية
1 ــ حالة الاستبداد السياسي والتي حاصرت العقل المسلم وجمدت حركته عن العمل والإنتاج
2 ــ التوسع في فقه الفرد على حساب فقه الأمة
3 ــ إهمال فقه المقاصد وعلوم فلسفة التشريع ، والتي تمثل الباب الاساسى للنظر
والاجتهاد وإنتاج الأحكام والأفكار المتجددة
4 ــ الخلط بين النص المقدس وآراء السابقين ، وتقديس التراث والتقليد الخلفي للتراث
والموازى للآخر.
5 ــ سيطرة الدراسات التقليدية في الأصول وتطبيقاتها في علوم الشريعة فقط
على حساب بقية علوم الحياة الإنسانية والكونية على حد السواء.
6 ــ الصراعات البينية الهشة بين العلماء والفقهاء
7 ــ الإحساس الداخلي لدى البعض بالانهزام وتوقف الطموح الرسالى .
ثانيا: الأسباب الخارجية
1 ــ الاستعمار السياسي والثقافي وتداعياته على العقل المسلم بشكل عام
والحرب الشرسة على التراث والهوية الاسلامية الخاصة ، وتفكيك منظومة القيم
الحاكمة في المجتمعات الاسلامية ( قيم التفكير والعلم والطموح والابتعاث
والجماعية والمنافسة...الخ ) والتي كانت تمثل المصدر الاساسى للبعث
النفسي والحضاري في نفوس المسلمين
2 ــ الحرب الناعمة التى وجهت للعقل المسلم لشغله وإهلاكه في صراعات بينية
وقضايا نظرية غير مفيدة
3 ــ حملات التشويه المتعمدة ضد الثقافة الاسلامية عامة
4ــ الأسباب القيمية والأخلاقية في إنحسار الفكر الاسلامى
من الثابت علميا وتاريخيا وعمليا أن أي أمة تستمد قوتها الأساسية من هويتها وتراثها والذي يمنحها
ــ الإحساس بالذات والتمركز حولها والتمسك بها والمحافظة عليها
ــ الإحساس بالقوة والقدرة على الاستمرار
ــ الأصالة والمرجعية
ــ الثقة والثبات
ــ الرغبة في إتمام مسيرة الأجداد والآباء العظام
ــ قوة البعث النفسي والطاقة الفاعلة للعمل والانجاز
ــ القيم الحاكمة والقيم المتممة وصناعة سلوك المجتمع والأمة
ــ ومن المعلوم ان القيم التى يتبناها الفرد والمجتمع تمثل المصدر الاساسى لمشاعر وسلوك وفعل وانجاز الفرد والمجتمع
ــ كما أن القيم تنقسم إلى قيم أم ــ حاكمة بشكل أساسي في توجه وسلوك الفرد ذات أهمية وتأثير اساسى في سلوك الفرد والمجتمع ، وقيم أخرى متممة تأتى في المرتبة التالية في الأهمية وقوة التأثير في سلوك الفرد والمجتمع .
ــ وفى عهود قوة وحيوية وإذدهار الحضارة الاسلامية كانت المجتمعات الاسلامية تستند إلى منظومة قيم حاكمة تستند إلى أربع قيم أساسية قيم الحرية والعدل وإعلاء قيمة العلم والابتعاث الحضاري لبقة الأمم ، هذه القيم الحاكمة بالإضافة إلى مجموعة القيم المتممة مثل قيم التفكير والجماعية والطموح والقوة والأمانة واحترام الوقت والنظام والإخلاص هي التى شكلت عقل ووجدان المجتمع والأمة
فنظمت ورشدت ووجهت سلوكها وجهودها نحو التفكير والاجتهاد وإنتاج المتجدد من المفاهيم والأحكام
التى ترجمت في واقع حياتهم المادية إلى ثورة في علوم الإدارة والتجارة والصناعة والسياسة والاقتصاد والحرب ، فشكلت المكون الحضاري الاسلامى الذي أثرى الحضارة الإنسانية على مدار قرون ممتدة .
القيم تنقسم إلى قيم أم ــ حاكمة بشكل أساسي في توجه وسلوك الفرد ذات أهمية وتأثير اساسى في سلوك الفرد والمجتمع وقيم أخرى متممة تأتى في المرتبة التالية في الأهمية وقوة التأثير في سلوك الفرد والمجتمع .
ــ الحرب الداخلية والخارجية على قيم وهوية المجتمع المسلم
ــ بفعل الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي والضعف المتتالي في بنية المجتمع والدولة الاسلامية
وتوالى الضعف ، والتفكك والتخلف ، وتآمر المستعمر الخارجي مع المستبد الداخلي مورست العديد من الخطط والاستراتيجيات التى ساهمت في تفكيك البنية القيمية لمجتمع المعرفة والفكر والتجديد الاسلامى
عبر مسارات عدة أهمها التعليم والإعلام ، كان من أبرزها وأخطرها
أولا : خطة تخريب التعليم وتجميد العقل المسلم
على يد المفكر التربوي دانلوب وبتوجيه استراتيجي من القائد السياسي كرومر، والتي تعد
من أهم المسارات التى أثرت بشكل كبير على تجميد العقل المسلم وحجبه عن التفكير الابداعى والابتكار واستمراره في تأدية دوره في حركة التجديد الفكري الاسلامى والحضاري الانسانى
هو سياسات التعليم التى وضعها المستعمر البريطاني ، واختزل عملية التعليم في عمليات الحفظ والاسترجاع ، بدلا من تعليم وتنمية كافة المهارات والقدرات العقلية ومناهج التفكير التى تعزز قدرة الطلاب على اكتساب العلوم والمعارف والمهارات والخبرات والتقنيات الحديثة
في نفس الوقت الذي كانت تطبيق فيه في بريطانيا احدث نظم التعليم في العالم
فتسببت هذه السياسية في تجهيل وتخلف نظم التعليم في مصر والعالم العربي بأسره والتي
أنتجت مخرجا تعليميا متقادما ومتخلفا عن ركب الحياة، يستهلك الأفكار والمنتجات ولا ينتجها
ثانيا : خطة إحلال قيم التفكير والتجديد بقيم الجمود والتخلف
والتي عمدت إلى تغييب القيم الاسلامية الأصيلة والتي تمثل منظومة القيم الحاكمة لفكر وسلوك للمجتمعات الاسلامية حسب الترتيب التالي ( الحرية والعدل والعلم والابتعاث والاحترام والوقت والجماعية والطموح والأخوة والصدق والأمانة والنظام والإخلاص ) .
وإحلال قيم بديلة لها تمثل في حقيقتها منظومة قيم لمجتمعات الجمود والتخلف والضعف والتفكك والتبعية حسب الترتيب التالي ( الاستبداد والظلم والتقليد والتبعية والصراع والفردية والانا والفرقة والتشتت والفهلوة واستحلال الحرمات والحقوق وإهدار قيمة العلم والوقت والاستهزاء بهما والإباحية ) .
والتي سخرت لها كافة المسارات المعنية ببناء الإنسان من تربية وتعليم وثقافة وفن وإعلام
وبالفعل أتت هذه الخطط آثارها السلبية على العقل المسلم فشلت حركته وجمدته عن التفكير ، كما أتت آثارها على القوة النفسية للنفس المسلمة وخدرتها حينا من الدهر وغيبتها عن ساحات الفعل والانجاز والمنافسة ، على الإجمال تجمدت وبشكل مؤقت حركة الإنتاج الفكر المؤسسي المنظم على مستوى المجتمع والأمة واقتصرت على بعض الاجتهادات الفردية لبعض العلماء الملمسين المجتهدين .
في المقال القادم ان شاء الله نتناول بقية ملخص البحث
ــ دورة حياة التجديد الفكري و الابتعاث الحضاري
ــ منظومة قيم الابتعاث الفكري والإقلاع الحضاري
ــ استراتيجيات بناء وتمكين القيم الدافعة للتجديد في الفكر الاسلامى
Yorumlar